هل نحتاج إلى معالجة مياهنا؟

                         "إن صحة مياهنا هي المقياس الرئيسي لكيفية معيشتنا على الأرض."

----------------------------

منذ بداية وجود الإنسان على كوكب الأرض ارتبط سكنه بالأماكن التي يوجد فيها الماء العذب سواء مياه الأنهار أو المياه الجوفية، لدرجة أن كل الحضارات القديمة قامت على ضفاف الأنهار ومجاري المياه العذبة.

رغم تطور حياة الإنسان والتقدم الكبير والمستوى العالي من الرفاهية الذي وصل إليه الإنسان، إلا أن الحصول على المياه العذبة النقية لا يزال المطلب الأول لجميع الناس على وجه الأرض.

إن توفر المياه النقية الصالحة للاستهلاك مطلب أساسي لا حياة بدونه، حيث أن المياه النقية هي المشروب السحري الذي لا يستطيع الإنسان العيش بدونه، ويمثل الماء حوالي 70% من جسم الإنسان، وشرب الماء بانتظام مهم جداً لصحة الإنسان، كما يستخدم الإنسان الماء في العديد من الأنشطة المنزلية والتجارية والصناعية، وكذلك في تربية الحيوانات والطيور، حيث يمثل الماء نسباً مختلفة تصل إلى 90%.

و مهما كان المستوى الاجتماعى للإنسان و سواء كان يعيش فى بيت ريفى أو شقة أو فيلا أو حتى قصر فإن الاهتمام و التيقن من جودة المياه ليس ترفاً بل مطلب أساسى للحياة يجب توافره و إلا ستكون صحة الانسان و اسرته و أطفاله فى خطر, بالاضافة إلى الخسائر الاقتصادية التى تنجم عن استخدام المياه الملوثة فى الأنشطة التجارية و الزراعية و الصناعية.

----------------

كيف يتم تلوث مصادر المياه؟

يحتوي جزيء الماء على ذرة أكسجين (شحنة موجبة) وذرتين هيدروجين (شحنة سالبة). وتتوزع ذرتا الهيدروجين بشكل غير متساوٍ. وتشكل هذه الخصائص ما يسمى بالرابطة التساهمية القطبية للماء، والتي تمكن جزيء الماء من جذب جزيئات الماء الأخرى وتجعله أقوى مذيب للأملاح. كما تجعل هذه الصفات الماء موطنًا مرغوبًا للعديد من أنواع البكتيريا والجراثيم والطفيليات.

وبعد ذلك نجد أن التطورات في حياة الإنسان من زراعة وصناعة ومواصلات، وكذلك سلوكيات الإنسان غير الصحية مع مصادر المياه، وكذلك العوامل الطبيعية والتغيرات المناخية، ساهمت في جعل مصادر المياه غير آمنة للاستهلاك المباشر، وأصبحت مصادر المياه سواء سطحية أو جوفية بحاجة إلى المعالجة، سواء كان غرض استهلاكها الشرب أو الاستخدامات المنزلية أو الزراعة أو الصناعة.

ما هي مصادر تلوث المياه؟

  • الأنشطة الصناعية:

تنتج العديد من الصناعات، وخاصة صناعات التعدين والصناعات التحويلية والصناعات الكيميائية والصناعات الغذائية وصناعات الحديد والصلب ومصافي النفط والصناعات الدوائية وصناعة الورق وغيرها من الصناعات، كميات هائلة من النفايات وكميات هائلة من مياه الصرف الصناعي التي تحتوي على العديد من الملوثات الخطيرة.

ومن أخطر العناصر الموجودة في مياه الصرف الصناعي المعادن الثقيلة مثل الزئبق والرصاص والكادميوم والزنك، وإذا تسربت هذه العناصر إلى مصادر المياه فإنها تصبح مصدر خطر، حيث أنها لا تتحلل في خلايا الكائنات الحية وتسبب العديد من الأمراض القاتلة، كما أنها تسبب موت الأسماك والكائنات البحرية، مما يجعل مصدر المياه ملاذاً خصباً للبكتيريا، بالإضافة إلى استهلاكها أربعة أضعاف كمية الأكسجين الموجودة في الماء مقارنة بمياه الصرف الصحي.

ولسوء الحظ، فإن النفايات الصناعية ومياه الصرف الصناعي لا تتم معالجتها بشكل صحيح في كثير من الأحيان، وقد نجد مناطق من العالم لا تتم معالجتها على الإطلاق.

  • الأنشطة الزراعية:

في النشاط الزراعي يتم استخدام الأسمدة والمبيدات والأسمدة النيتروجينية لمعالجة النباتات، وتتسرب هذه المواد الكيميائية إلى مصادر المياه سواء السطحية أو الجوفية عند ري التربة أو من خلال تواجدها في مياه الصرف الزراعي، وعندما لا يتم معالجة مياه الصرف الزراعي بالطريقة الصحيحة فإنها ستجد طريقها مرة أخرى إلى مجاري المياه والآبار الجوفية، مما يساهم في تلوث المياه وتصبح غير صالحة للاستخدام، بالإضافة إلى تلويث التربة والتأثير الضار على الحيوانات التي تأكل النباتات الملوثة، كما أن تسرب المياه الملوثة بالمبيدات والأسمدة النيتروجينية إلى مجاري المياه والأنهار يتسبب في موت الأسماك والكائنات المائية الأخرى، مما يؤدي إلى كوارث صحية وبيئية خطيرة.

  • الصرف الصحي:

تشكل مياه الصرف الصحي مشكلة كبيرة في العديد من دول العالم، حيث لا تتم معالجتها بشكل سليم في العديد من الدول، فهناك دول لا تتم فيها معالجة مياه الصرف الصحي على الإطلاق، ويتم إطلاق هذه المياه في المجاري المائية والأنهار أو عن طريق إنشاء خزانات أرضية يتم معالجتها فيها، ويتم تصريف مياه الصرف الصحي فيها وتتسرب إلى المياه الجوفية، وهناك دول يتم فيها ري النباتات بمياه الصرف الصحي مباشرة.

حتى في محطات معالجة مياه الصرف الصحي يوجد حمأة يجب معالجتها والتخلص منها بطريقة صحيحة، وللأسف هذه المعالجة غير موجودة في مناطق كثيرة في كثير من دول العالم، وللأسف في بعض الدول يتم استخدام هذه الحمأة غير المعالجة أو المعالجة بطريقة غير صحيحة لتخصيب النباتات.

تحتوي مياه الصرف الصحي على العديد من أنواع البكتيريا والجراثيم والطفيليات والمواد الكيميائية التي تسبب العديد من الأمراض القاتلة للإنسان والحيوان، فضلاً عن تلويث التربة والبيئة بشكل عام.

  • النقل النهري:

تستخدم الأنهار والقنوات في العديد من البلدان لنقل الأشخاص والبضائع، لذا تساهم المركبات النهرية في تلويث مياه النهر بالزيوت ومخلفات البترول، بالإضافة إلى احتمال قيام عمال النقل النهري أو مستخدميه بإلقاء النفايات والقمامة في مجرى النهر. 
  • السلوكيات البشرية الخاطئة:

- في كثير من دول العالم يقوم بعض الأشخاص بالتخلص من القمامة والمخلفات المنزلية والزراعية في الأنهار والمجاري المائية أو على ضفافها سواء عن عمد أو جهل مما يمثل كوارث صحية وبيئية حيث تستغرق بعض هذه المخلفات سنوات طويلة جداً حتى تتحلل وينتهي تأثيرها السلبي على الإنسان والمياه والكائنات المائية.

 - وهناك شكل آخر من أشكال السلوك البشري غير المسؤول، وهو قيام العديد من الناس بأخذ حيواناتهم، بما في ذلك الأبقار والجاموس والخيول والحمير، إلى مجاري الأنهار والقنوات لغرض تنظيفها. وبطبيعة الحال، تنتقل الأمراض والجراثيم والبكتيريا التي قد تكون موجودة في تلك الحيوانات إلى الماء بالإضافة إلى فضلاتها.

 - كما يوجد الاستحمام والسباحة في مياه الأنهار والقنوات حيث يحتوي عرق الإنسان على العديد من الملوثات والبكتيريا التي تشكل تلوثًا قبيحًا للمياه.

كانت هذه مجرد أمثلة، ولكن هناك العديد من السلوكيات البشرية الخاطئة التي تسبب تلوث المياه.

  • مياه الصرف الصحي من محطات معالجة المياه:

تحتوي مياه الصرف الصحي من محطات معالجة المياه بنظام التناضح العكسي على نسبة عالية من الأملاح والبكتيريا والفيروسات، وفي حال إطلاقها في المجاري المائية السطحية أو تصريفها في الخزانات الأرضية فإنها تسبب تلوث المياه السطحية والجوفية.

  • أنابيب السباكة وخزانات المياه:

إن الأنابيب والخزانات البلاستيكية أو الحديدية التي تحتوي على لحام الرصاص لها القدرة على تلويث المياه بالرصاص والنحاس والمواد الكيميائية. أما الأنابيب والخزانات المبطنة بالإسفلت أو المواد الكيميائية فهي سبب لتلوث المياه بالقطران.

  • ظاهرة الاحتباس الحراري:

تؤدي ظاهرة الاحتباس الحراري إلى ارتفاع درجة حرارة المياه، مما يؤدي إلى نفوق كميات كبيرة من الأسماك والكائنات المائية، مما يؤدي إلى تفاقم تلوث المياه بمزيد من البكتيريا والجراثيم والطفيليات والفيروسات.

  • مكبات النفايات المشعة والنفايات التكنولوجية:

يتعين على الحكومات أن تضمن دفن نفايات الطاقة النووية والنفايات التكنولوجية، مثل الألواح الشمسية والهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر، بطريقة صحيحة وآمنة. على سبيل المثال، نجد أن اليورانيوم مادة شديدة السمية، وإذا تسرب إلى مصادر المياه الجوفية، فإن هذا سيمثل كارثة مائية وبيئية خطيرة للغاية.

  • تلوث الهواء:

يتلوث الهواء بسبب العديد من الصناعات، مثل الصناعات المرتبطة بالنفط والغاز والفحم وغيرها، مما يسبب الأمطار الحمضية التي تلوث الأنهار والمجاري المائية والمحاصيل، كما تنتقل إلى المياه الجوفية، والتي تمثل أيضًا مصدرًا آخر لتلوث المياه والبيئة بشكل عام.

ما هي الأمراض الناجمة عن تلوث المياه؟

- داء السالمونيلا.
- داء الشيغيلات.
- مرض الأميبا.
- الإسهال.
- التيفوئيد.
- الزحار.
- التهاب الكبد الوبائي أ.
- الكوليرا.

- التسمم بالرصاص.
- التسمم بالزرنيخ.
- التسمم بالفلور.
- السرطان.
- أمراض الكبد والفشل الكلوي.
- شلل الأطفال. 


  • أمثلة على الخسائر الاقتصادية الناجمة عن تلوث المياه:

- الأمراض التي تصيب الإنسان بسبب تلوث المياه تتسبب في انتشار الأمراض والأوبئة، مما يزيد من تكاليف الرعاية الصحية التي تتحملها الحكومات والأفراد، بالإضافة إلى إضعاف الإنتاج.

- عند استخدام المياه الملوثة في الصناعة فإنها تسبب خسائر في الإنتاج وتلف الآلات التي تستخدم فيها المياه الملوثة.

- إن ري المحاصيل بمياه ملوثة يسبب خسائر في الإنتاج الزراعي وتلوث التربة، وينطبق الأمر نفسه على قطعان الحيوانات والطيور، مما يؤدي إلى نفوق هذه الحيوانات والطيور.

- تلف الأجهزة المنزلية التي تستخدم المياه الملوثة، مثل السخانات والغسالات.

** أعتقد أننا هنا أجبنا على السؤال: هل نحتاج إلى معالجة المياه؟ بالطبع الإجابة هي نعم بكل تأكيد، باستثناء سكان المناطق القليلة التي تتوفر فيها مصادر مياه آمنة.

العامل الحاسم في تحديد حاجتنا لمعالجة وتنقية مصدر المياه لدينا هو تحليل عينة مياه من مصدر المياه في مختبرات معتمدة ... تحليل كيميائي + تحليل بيولوجى... التحليل الكيميائي يخبرنا عن العناصر الكيميائية الموجودة في المياه، والتحليل البيولوجي يخبرنا ما إذا كانت البكتيريا والطفيليات موجودة أم لا.

ملخص:

إن وجود الماء النقي من أهم أولويات حياة الإنسان، وبدون وجوده لا توجد حياة، وبسبب طبيعة الماء كمذيب عالمي، وبسبب الأنشطة الصناعية والزراعية المختلفة، والسلوكيات البشرية الخاطئة، بالإضافة إلى العوامل الطبيعية، أصبح وجود الماء النقي مشكلة تؤرق أغلب سكان العالم، على الرغم من الجهود الحكومية المبذولة لتوفير الماء النقي للسكان، إلا أن هذه الجهود ليست بالمستوى المطلوب في أغلب دول العالم، أو على الأقل في مناطق معينة من أغلب الدول، بما في ذلك الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، ويتسبب غياب الماء النقي في مشاكل صحية خطيرة وخسائر اقتصادية ضخمة بسبب المياه الملوثة.

-------

مع خالص الشكر وأطيب التمنيات

محمد محفوظ

نور لنظم معالجة و تنقية المياه



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مشاكل فلاتر المياه و كيفية الصيانة و المعالجة

تعاريف و مصطلحات فلاتر المياه

بحث علمى عن تلوث نهر النيل ... يا حسرتك يا هيرودوت

مياه الشرب فى مزارع الدواجن ...المشاكل و العلاج

كيف تشترى فلترمياه أو وحدة معالجة و لماذا فلاتر ووتر وورلد ؟

ما هو السوفتنر ( ميسر أو ملين الماء ) و كيف يعمل؟

النصب و الخداع فى فلاتر المياه